يعد البيع بالجملة والبيع بالتجزئة من أهم أساليب التجارة في العالم ولكل واحد منهما طبيعته الخاصة ودوره في حركة الأسواق ويختلفان في عدة جوانب أساسية أولها حجم الكميات فالبائع بالجملة يشتري عادة من المصنع أو من المورد الرئيسي بكميات كبيرة جدا ثم يقوم ببيعها إلى التجار أو المحلات الأخرى بينما البيع بالتجزئة يركز على بيع المنتجات بكميات صغيرة غالبا تكون موجهة للمستهلك النهائي الذي يستخدمها في حياته اليومية
الفرق الثاني يظهر في الأسعار حيث أن أسعار البيع بالجملة تكون منخفضة مقارنة بالبيع بالتجزئة لأن المشتري يشتري كميات ضخمة مما يقلل من تكلفة الوحدة الواحدة أما في التجزئة فإن السعر يكون أعلى لأن التاجر يبيع منتجات قليلة العدد ويضيف هامشا أكبر للربح يغطي تكاليفه التشغيلية مثل الإيجار والعمالة والإعلان
أيضا يختلف نوع الزبون في كل منهما ففي الجملة الزبون الأساسي هو تاجر آخر أو صاحب محل يحتاج إعادة بيع البضاعة بينما في التجزئة الزبون هو المستهلك المباشر الذي يشتري حاجاته مثل الملابس أو الطعام أو الأجهزة ليستخدمها في منزله أو عمله

كذلك يختلف المكان الذي تتم فيه العملية فأسواق الجملة عادة تقع في مناطق تجارية كبيرة أو مخازن ضخمة بينما أسواق التجزئة تكون قريبة من الأحياء السكنية والمراكز التجارية حتى يسهل على المستهلك الوصول إليها
هناك أيضا فرق في طريقة التسويق فالبائع بالجملة يعتمد على بناء علاقات طويلة الأمد مع التجار الآخرين وعلى تقديم أسعار منافسة وخدمات مثل النقل أو التخزين أما البائع بالتجزئة فيركز على عرض المنتج بشكل جذاب في واجهات المحلات وعلى توفير خدمة الزبون والاهتمام بالتفاصيل التي تشجع المستهلك على الشراء
من جهة أخرى فإن رأس المال المطلوب في تجارة الجملة يكون أكبر لأن التاجر يحتاج إلى شراء كميات ضخمة وتخزينها بينما في التجزئة يمكن البدء برأس مال أقل نسبيا لأن الكميات أصغر وحجم المخزون محدود

كذلك المخاطر تختلف فالجملة قد يواجه فيها التاجر خطرا كبيرا إذا لم يتمكن من بيع الكميات المخزنة بينما في التجزئة تكون المخاطر أقل لأن البضاعة تباع بكميات صغيرة وبشكل أسرع
يمكن القول إن الجملة تمثل حلقة وصل أساسية بين المصنع وبين سوق المستهلك بينما التجزئة تمثل الحلقة الأخيرة التي تصل بالمنتج إلى يد العميل وكل نظام يعتمد على الآخر فلا يمكن أن تعمل المصانع بكفاءة من دون تجار الجملة الذين يشترون كميات كبيرة ولا يمكن أن تصل السلع إلى المستهلك النهائي من دون تجار التجزئة الذين يعرضونها في الأسواق
وفي النهاية يتضح أن البيع بالجملة والبيع بالتجزئة يشكلان ركيزتين أساسيتين في حركة التجارة ولكل واحد منهما مزاياه وتحدياته فالجملة توفر السرعة في توزيع المنتجات والتجزئة تضمن وصولها إلى ملايين المستهلكين وبذلك تكمل كل طريقة الأخرى وتستمر عجلة الاقتصاد في الدوران